ربما لن تكون مصادفة لو قلنا لكم أن أول عدو في أول فيلم أنيميشن مصوّر لسوبرمان، هو عالمٌ مجنون، يريد تدمير الأرض، دون سبب واضح. بالنسبة لنا، هذه الصورة تطبّعت للدرجة التي لا نلاحظ غرابتها، أو مدى شخصنة الفنانين مع العلماء. لو تتبعنا أول ظهور للعالم المجنون سنجده في رواية فرانكشتاين للكاتبة ماري شيلي، وكونها النبع الذي غذّى الفنانين بهذه الصورة، يجب أن نتساءل هل هذا هو انتقام الروائيين من العلماء الذين بالعادة ما يصفون فن الرواية بأنّه لا فائدة منه؟ ممكن.

 

 

في العشرينات من القرن الماضي، وحتى الخمسينات، العالم المجنون كان أحد أهم الشخصيات في السينما، ومفتاح مهم للعوالم الخيالية، من فيلم «Metropolis» وحتى فيلم «The Wizard of oz». ولعلنا نأخذ هذه القصة كمثال، بعد القنبلة الذرية الأولى، تسابق منتجي هوليوود لإنتاج قصة ما خلف الكواليس، أحد المحاولات كانت فلم «the beginning or the end»، والذي عُرض على العالم ألبرت آينشتاين لأخذ موافقته، مع ملاحظة من المنتج كتب فيها: «الحقيقة الدرامية بالنسبة لنا، تضاهي الحقيقة العلمية.» الحقيقة الدرامية التي يقصدها المنتج ما هي إلا صورة متخيلة عن العلماء. هناك كائنات سردية يحب أن يسمع عنها الناس، مثل الفارس، ومثل اللص، ومثل الرحّالة. جميعهم يشتركون في صفة مهمة، وهي أنهم كائنات تعيش في مناطق بعيدة ومجهولة بالنسبة لنا، سواءً مناطق جغرافية أو متخيلة، والعالم مثل هذه الكائنات السردية، يعيش في منطقة غير متاحة للإنسان العادي مثلنا.

 

 

المفارقة هنا، أن ليست جميع المناطق فعلًا يحدث فيها «حقيقة درامية»، مثل ما يتخيّل المنتج، بل ربّما يعيش العالم ويموت في رتابة فضيعة، حتى لو كان يعمل على أكبر الاختراعات التي ستغيّر تاريخ البشرية. لذلك ربّما كان يجب اختراع فكرة العالم المجنون لسدّ هذه الفجوة الرتيبة في حكاية العالم.

 

فيلم (1927) Metropolis

اقرأ المزيد

من ذاكرة البيوت

لربع ساعة. لم يخطر ببال أحد أن الدرابزين الخارجي جزء من البيت، وأن طقطقته وضربه تؤذي ويشعر بها البيت كما لو كانت طقطقة لإحدى جدرانه الداخلية. لم يكن رأسها الوحيد الذي علق تلك السنة...

اقرأ المزيد

التفاصيل التي تصنعنا

متجر الأشمغة يفيض بالأمواج الحمراء التي تتسرب إلى طرقات السوق، لم نعرف بائع أشمغة واحد ينادي ترغيباً في بضاعته، إذ أن متجره يذكرنا بآباء على مد النظر يصطفون لصلاة العيد أو يتموضعون ...

اقرأ المزيد

بــــلكونة، وفــــي روايــــة شـــــرفة

الجزء الناتئ من أحد الأدوار العلوية في المنزل ليطل على الشارع يسميه البعض بلكون أو بلكونة وتُعرّفه قواميس اللغة بـ «الشرفة»؛ نعرفه في مصر بأحاديث الجارات والشتائم المتبادلة بين معلم القهوة في الشارع وبين سيدة...

اقرأ المزيد