*يرحمك الله*

لم يحدث لي فيما أذكر أنني عطست أكثر من عشر عطسات

قادتني تلك العطسات إلى منخار الذاكرة.

علمت في سعيي المعرفي أن الأنف عضو حساس بما يحتويه من عصبونات حسية ترسل الروائح الطيارة ليترجمها الدماغ. وأن الأنف خط وقاية للجهاز التنفسي بشعيراته وسوائله اللزجة.

 أمي لم تكن أمية فحسب بل أنفها كذلك كان، لم يقرأ أنفها لغة الروائح، وتلك ربما نعمة ونقمة.

 لكن المفارقة أنني كلما حضنتها أشم بها عطور كل جاراتها.

أخي الأكبر كان له موقف صارم من سلوكي مع الأنف؛ إذ يعنفني كلما عبثت بأنفي لأزيل المخاط المتيبس على جوانبه، ورغم أن *النُقّاب* خبث يجب إزالته إلا أنني أيضا أمتعض حين يعبث ابني بأنفه.

قد يكون اللعب بالأنف سلوكا نفسيا ينبغي تقصيه كقضم الأظافر، ونتف شعر الخد، وهذا شائع في أبناء العائلات المحافظة.

الأستاذ محمد رضا، معلم الرياضيات في المرحلة الإعدادية كان الطبشور يهيج أنفه، وكلما عطس لم يكن يقول ما ينبغي قوله كما علمنا مدرس الإسلامية (الحمد لله) لكنه كان يقول: متعة.

يعتقد بعضنا أننا نقول الحمد لله بعد العطاس لأن القلب يتوقف أثناءه، وهذا مبحث ليس محله هنا، لكني أتذكر نكتة عن فقيه عطس الخليفة في حضرته، فسأل الخليفة: لماذا لم تجشمني؟

فقال الفقيه: ولماذا لم تحمد الله؟

فأجاب الخليفة: حمدته في سري.

فرد الفقيه: وأنا جشمتك في سري.

والجشميد لمن لا يعرفه قولك للعاطس يرحمك الله.

أما أختي وأمي غير البيولوجية والتي أكتب هذه الخاطرة في رسالة واتس أب لها فكانت تخوش منخارها بخوصة مشابهة للتي يأمرني أبي أن أنتقيها من *المجمعة* وهي أداة لخم الغبار والعوالق، هي أخت المقشة، (البروش مال أول) بالتعبير البلوشي الذي أحبه، أنتقي خوصة لأبي ليخلص أسنانه من العوالق التي بين أسنانه.

أما أختي فكانت في الصفة تتابع فيلما هنديا وتعبث بأنفها لتعطس ثم تعطس ثم تعطس…

لم أجرؤ أن أنتقدها حينها على العبث بعصبونات الشم فهي أدرى طبيا وأخلاقيا مني، لكني كنت متأكدا حينها أنها تضمر كلما عطست كلمة: متعة.

 

– شاعر، وكاتب.

اقرأ المزيد

النقد السينمائي فيما رواه
عبد القاهر الجرجاني!

اعلم رحمك الله، أن الصورة لا تفيد حتى تؤلَّف ضربًا خاصًا من التأليف، ويعمد بها إلى وجه من...

اقرأ المزيد

شيئان أو ثلاثة يفتقدهما
المخرج السعودي

لا تخلوا جميع محادثاتي مع الأصدقاء السينمائيين عن طرح سؤال: ما الذي يفتقده المخرج السعودي لِكيْ يتميز ويصنع بصمة سينمائية وأفلامًا جديرة بالمديح النقدي، ويكاد يكون هذا السؤال مطروحًا في جميع المحافل السينمائية محليًا، بل...

اقرأ المزيد

التفاصيل التي تصنعنا

متجر الأشمغة يفيض بالأمواج الحمراء التي تتسرب إلى طرقات السوق، لم نعرف بائع أشمغة واحد ينادي ترغيباً في بضاعته، إذ أن متجره يذكرنا بآباء على مد النظر يصطفون لصلاة العيد أو يتموضعون ...

اقرأ المزيد