دخلت مع الاخصائية حجرة الليزر وقبل أن أدير وجهي لأنظر لها بادرتني بقول: عباءتك جميلة جداّ! نظرت بتعجب للعباءة الكحلية التي تحتل الصدارة في قائمة أكثر عباءة عادية في دولابي وابتسمت للممرضة وشكرتها. ما إن تمددت على السرير حتى أشارت متغزلة للشامات في وجهي! تذكرت مباشرة نقاشي مع طبيبي لإزالتها باعتبارها في مواضع شاذة. ما إن انتهينا حتى امتدحت ضحكاتي معها ولطفي. سرعان ما عاد رأسي المنتفخ من مديحها لحجمه الطبيعي ما إن ألحت «رجاء لا تنسيين تقييمي على قوقل ماب رجاء اذكري اسمي في التقييم». عادت لذاكرتي العاملات في الصالون الذي أرتاده أسبوعياً وكل واحدة تشدني من يدي مؤخراً لجهتها وتهمس في أذني: «رجاء اذكري اسمي في تقييم قوقل ماب، هناك مكافأة.»

 

 

أتذكر الحلقة الأولى من الموسم الثالث لمسلسل بلاك ميرور، حين كانت لاسي باجتهاد منقطع النظير تلهث لرفع تقييمها ليصل لأربع نجوم ونصف حتى يتغير معه شكل حياتها. ضغطت لاسي على نفسها لتتحلى باللباقة والكياسة ولتجامل الكثير ممن تصادفهم في الحياة. في كل مره تبتسم لأحدهم ترتفع نجومها وفي كل مرة يصدر منها سلوك على طبيعته -غير مفلتر- تنخفض نجومها. تظل النجوم بين ارتفاع وانخفاض في يدّ من تصادفهم ويبقى جهدها الحثيث لرفع التقييم حتى تستطيع الحصول على تخفيض عقاري يساعدها في امتلاك المنزل الذي ترغب فيه.

 

بدأت أشعر بوجود لاسي في كل مكان وفي وجه كل موظف يقدم لي خدمة. الموظف هنا مثل لاسي يسعى لرفع دخله أو الحصول على مكافأة تشجيعية وبناء بيته. هل ألوم لاسي هنا؟ لا طبعاً إنما ألوم كل من وضعها تحت هذا الشكل من الضغط. ربط تقييم الموظف والمزايا التي سيحصل عليها بيد العميل ومزاجه لا يعد محفز للموظف بقدر ما هو ضغط اضافي.

 

مسلسل Black Mirror

 

نظرة سريعة على طبيعة العمل في الأماكن التي طالبتني فيها الموظفات بخمس نجوم؛ ساعات عمل طويلة، دقة في العمل، عملاء كثر وأمزجة متفاوتة وخلفيات مختلفة، غربة عن الأهل، أجر عادي، تقييمات بأوجه متعددة بدءًا بصاحب الحلال ومروراً بالمدير وانتهاءً بالعميل. فهل هذه العوامل مجتمعة غير كافية من وجهة نظر المسؤول عن المكان حتى يضيف عبء آخر مثل خمس نجوم باسم الموظف على قوقل مآب؟ ثم كيف سيتم التحقق من عدالة العميل وإنصافه! أيضاً أنا كعميل كيف أستطيع كل أسبوع أن أقيم الفتاة التي قدمت لي الخدمة وقوقل لا يسمح لي بتقييم المكان سوى مرة واحدة! أخيراً، هذا النوع من التقييم يخلق جو تنافسي غير محبب في بيئة العمل وقد يشحن سلبياً علاقة الموظف بالعميل وبأرباب العمل لأنه ضغط اضافي لا حاجة له.

اقرأ المزيد

لماذا أسافر لإيطاليا سنوياً؟

عدت من صقلية بعد قضاء إجازة قصيرة، عدت محملة بزيت الزيتون، والزيتون الأخضر، ومعجون الطماطم الصقلي، وجبنة الموزوريلا، والمعكرونة المصنوعة منزلياً، نثرتها على طاولة المطبخ بفرح طفولي، ستفوح الدار في الأيام القادمة برائحة الطماطم والريحان...

اقرأ المزيد

نيو بالانس: التاريخ العاطفي لحذاء رياضي

أصعب سؤال يطرح علي : لماذا ايطاليا؟ لذا أضحك دائماً وأقول إن هذا السؤال من الأسئلة الوجودية التي تصعب اجابتها ! أما المطالبة بالتدوين عن رحلات ايطاليا فلطالما قابلته بالهلع! فكيف لي أن اختصر ايطاليا...

اقرأ المزيد

بــــلكونة، وفــــي روايــــة شـــــرفة

الجزء الناتئ من أحد الأدوار العلوية في المنزل ليطل على الشارع يسميه البعض بلكون أو بلكونة وتُعرّفه قواميس اللغة بـ «الشرفة»؛ نعرفه في مصر بأحاديث الجارات والشتائم المتبادلة بين معلم القهوة في الشارع وبين سيدة...

اقرأ المزيد