الجزء الناتئ من أحد الأدوار العلوية في المنزل ليطل على الشارع يسميه البعض بلكون أو بلكونة وتُعرّفه قواميس اللغة بـ «الشرفة»؛ نعرفه في مصر بأحاديث الجارات والشتائم المتبادلة بين معلم القهوة في الشارع وبين سيدة في الدور الخامس، على الأقل هذا ما كنا نراه في المسلسلات المصرية التي نشأنا امامها، في مالطا ولشبونة تعرف البلكونات بكرنفال الملابس الملونة، حبل غسيل يمتد فوق البلكونة حتى تبدو الملابس المعلقة عليه كستارة تحجب البلكونة عن فضول المارة أو حبل يمتد بين كتفي بلكونتين كجسر يربط بين شقتين ليصبح بينهما عيش وملح أو بعبارة أصح قميص وبنطال. في الجزر الصاخبة كابيزا وميكونوس جزء من هوية البلكونة فتاة تتعافى من ليلة البارحة بسيجارة وكوب قهوة وحبيبان يكملان ما بدآه ليلاً، في إيطاليا حيث تتحول الأشياء لقصة حب تحولت البلكونة لروميو وجولييت ونازع الطليان شكسبير في قصته وأنها لم تكن إلا الحقيقة التي حدثت بين عاشقين في فيرونا الايطالية وأصبح الجمهور أسفل البلكونة على موعد مع روميو وجوليت في كل عيد عشاق، رغم رومانسية بلكونة فيرونا إلا أن البلكونة النابولية ستظل عرابة المشهد البلكوني الايطالي حيث الأصوات العالية المتداخلة في بعضها.

 

 

في أي مكان من العالم تبدو البلكونة مكان مطاط من البيت يمكن مطه ليتسع فيكون مستودع يقصده أفراد العائلة بأغراضهم التي ضاق بها البيت، أو مساحة لتحقيق حلم قديم بامتلاك حديقة، أو استراحة مدخنين ينفثون فيها دخانهم بعيداً عن رئة البيت. في أحوال أخرى قد تكون البلكونة مندوب توصيل تتدلى منها سلة تهبط فارغة وتصعد لمستقرها محملة بما هبطت من أجله؛ طماطم، علب لبن، خبز وقديماً رسالة غرامية من جار قبل أن تقضي الأجهزة الحديثة على أبسط الجهود التي يبذلها أحدنا في طريقه للآخر..

 

 

في بيوت تعز علينا وشوارع قريبة منا تمتد البلكونة على استحياء كجزء من مخطط وضعه مهندس مهتم بجمالية التصميم بغض النظر عن اشتراطات البلدية وعيون المارة وهوس الخصوصية ومشاعر البلكونة التي لا تزال حائرة تصارع لإثبات هويتها بعيداً عن المستودع وقريباً من فسحة حياة الشارع.

اقرأ المزيد

من ذاكرة البيوت

لربع ساعة. لم يخطر ببال أحد أن الدرابزين الخارجي جزء من البيت، وأن طقطقته وضربه تؤذي ويشعر بها البيت كما لو كانت طقطقة لإحدى جدرانه الداخلية. لم يكن رأسها الوحيد الذي علق تلك السنة...

اقرأ المزيد

نيو بالانس: التاريخ العاطفي لحذاء رياضي

أصعب سؤال يطرح علي : لماذا ايطاليا؟ لذا أضحك دائماً وأقول إن هذا السؤال من الأسئلة الوجودية التي تصعب اجابتها ! أما المطالبة بالتدوين عن رحلات ايطاليا فلطالما قابلته بالهلع! فكيف لي أن اختصر ايطاليا...

اقرأ المزيد

زاوية غير مرئية

بكي بمجرد حمله من على الأرض، تعيده والدته على المفرش فيهدأ تمامًا، على العكس من كل أولادها، هذا الولد مختلف. ينام متشبثًا ببطانيته، لا يتركها أبدًا، تحول لونها من الأبيض إلى البني. يستيقظ من...

اقرأ المزيد