نعرف المربعانية بمجرد أن يعلو صوت أبو نورة ليلاً من إحدى السيارات الواقفة عند اشارة الدرعية الأولى «كفها فلة جديلة من حروف… قصة الحناء طويلة في الكفوف» إذاً هذا هو إعلان الشتاء ونشيده الرسمي، نتمايل مع الصوت وننسى نَزَق الشارع و برستيجه الذي يزول في الشتاء لأسباب مجهولة وتولد رياض رقيقة هي بالضبط ما وصفه أبو سهيل حين قال «وفاتنة أنتِ مثل الرياض ترقُ ملامحها في المطر».

 

 

حتى نحن نتغير مع أول نسمات البرد ومع أي رشة مطر، ننسى صحراويتنا ونصبح أكثر رقة، ترتفع نسبة تسامحنا مع كل من يتخذون كتف الطريق الفارغ حيلة ذكية لتجاوزنا جميعاً نحن المصطفين بأدب العالقين في الخط الأحمر الطويل الظاهر على قوقل ماب. نبتسم ما أن يرفع يده صاحب السيارة التي تحاول تجاوزنا بالخطأ ملوحاً على طريقة «تكفى باتجاوزك» ونهز رأسنا بالموافقة والتسليم. نتصالح مع صباحات الدوام ونبدأ في تدليلها بقائمة مشروبات جديدة، يستأذن موظف من زملائه عن تأخيره ويمدّ لهم حليب الزنجبيل مصحوباً باعتذار: «جربوه، تدفوا»، وتجيب الطالبة الجامعية صديقتها التي تسأل عن محتوى الكوب حافظ الحرارة في يدها: «كرك من بوفية الحارة. بالمناسبة الشتاء موسم التصالح مع أي بوفية طالما تقدم كرك موزون».

 

 

كرك «المشبّ» هو المستوى المتقدم من العشق الشتوي لهذا المشروب والذي يزداد مع تقدم الشتاء. نتكبر على كرك عرفان وأحمد خان أو ربما يسحرنا ما يصنعونه فنرغب في تقليده، ننفض الغبار عن غرفة المشبّ وعن موقد النار فيها ونرسي على رأسه ابريق الكرك الذي نجرب فيه إحدى الوصفات الكثيرة التي يبدأ تمريرها هذه الأيام تحت عنوان كرك ملكي. هذه الغرفة ليلة الجمعة تحديداً تصدح بنشيد الشتاء الرسمي الذي تلتقطه من أول سيارة أعلنت دخول الشتاء لتكمل معها بينما يتمايل أفرادها

 

اقرأ المزيد

من ذاكرة البيوت

لربع ساعة. لم يخطر ببال أحد أن الدرابزين الخارجي جزء من البيت، وأن طقطقته وضربه تؤذي ويشعر بها البيت كما لو كانت طقطقة لإحدى جدرانه الداخلية. لم يكن رأسها الوحيد الذي علق تلك السنة...

اقرأ المزيد

كيف تستعمل جدتي الأساطير؟

تستخدم الأساطير على مر العصور لنقل القيم والمعتقدات لدى ثقافة معينة، فهي متعة كبيرة في أي اجتماع، ومحل نقاش دائم، ولا ينقطع...

اقرأ المزيد