pink-dot

 كـــيـــتَ وَكـــيـــتْ وَكـــيـــتْ

pink-dot

ويـــــــن أحــــــــب الليـــــلــــة ويــــــــــــن؟

النسخة ٥ – منشور في ديسيمبر ٢٠٢٣

“لا معنى للفرحة ما لم تقسمها مع أحد فتصبح أكبر على عكس قانون القسمة”

– عمر طاهر

سالفة

وين أحب الليلة وين؟

منيرة السميّح

نعرف المربعانية بمجرد أن يعلو صوت أبو نورة ليلاً من إحدى السيارات الواقفة عند اشارة الدرعية الأولى «كفها فلة جديلة من حروف… قصة الحناء طويلة في الكفوف» إذاً هذا هو إعلان الشتاء ونشيده الرسمي، نتمايل مع الصوت وننسى نَزَق الشارع و برستيجه الذي يزول في الشتاء لأسباب مجهولة وتولد رياض رقيقة هي بالضبط ما وصفه أبو سهيل حين قال «وفاتنة أنتِ مثل الرياض ترقُ ملامحها في المطر».

حتى نحن نتغير مع أول نسمات البرد ومع أي رشة مطر، ننسى صحراويتنا ونصبح أكثر رقة، ترتفع نسبة تسامحنا مع كل من يتخذون كتف الطريق الفارغ حيلة ذكية لتجاوزنا جميعاً نحن المصطفين بأدب العالقين في الخط الأحمر الطويل الظاهر على قوقل ماب. نبتسم ما أن يرفع يده صاحب السيارة التي تحاول تجاوزنا بالخطأ ملوحاً على طريقة «تكفى باتجاوزك» ونهز رأسنا بالموافقة والتسليم. نتصالح مع صباحات الدوام ونبدأ في تدليلها بقائمة مشروبات جديدة، يستأذن موظف من زملائه عن تأخيره ويمدّ لهم حليب الزنجبيل مصحوباً باعتذار: «جربوه، تدفوا»، وتجيب الطالبة الجامعية صديقتها التي تسأل عن محتوى الكوب حافظ الحرارة في يدها: «كرك من بوفية الحارة. بالمناسبة الشتاء موسم التصالح مع أي بوفية طالما تقدم كرك موزون».

كرك «المشبّ» هو المستوى المتقدم من العشق الشتوي لهذا المشروب والذي يزداد مع تقدم الشتاء. نتكبر على كرك عرفان وأحمد خان أو ربما يسحرنا ما يصنعونه فنرغب في تقليده، ننفض الغبار عن غرفة المشبّ وعن موقد النار فيها ونرسي على رأسه ابريق الكرك الذي نجرب فيه إحدى الوصفات الكثيرة التي يبدأ تمريرها هذه الأيام تحت عنوان كرك ملكي. هذه الغرفة ليلة الجمعة تحديداً تصدح بنشيد الشتاء الرسمي الذي تلتقطه من أول سيارة أعلنت دخول الشتاء لتكمل معها بينما يتمايل أفرادها «ألف غصن من اليباس… فزّ لأجلك وانثنى»

حاشية :


خمس نجوم: تقييم العميل ونفسية الموظف

 منيرة السميّح






دخلت مع الاخصائية حجرة الليزر وقبل أن أدير وجهي لأنظر لها بادرتني بقول: عباءتك جميلة جداّ! نظرت بتعجب للعباءة الكحلية التي تحتل الصدارة في قائمة أكثر عباءة عادية في دولابي وابتسمت للممرضة وشكرتها. ما إن تمددت على السرير حتى أشارت متغزلة للشامات في وجهي! تذكرت مباشرة نقاشي مع طبيبي لإزالتها باعتبارها في مواضع شاذة. ما إن انتهينا حتى امتدحت ضحكاتي معها ولطفي. سرعان ما عاد رأسي المنتفخ من مديحها لحجمه الطبيعي ما إن ألحت «رجاء لا تنسيين تقييمي على قوقل ماب رجاء اذكري اسمي في التقييم». عادت لذاكرتي العاملات في الصالون الذي أرتاده أسبوعياً وكل واحدة تشدني من يدي مؤخراً لجهتها وتهمس في أذني: «رجاء اذكري اسمي في تقييم قوقل ماب، هناك مكافأة.»

أتذكر الحلقة الأولى من الموسم الثالث لمسلسل بلاك ميرور، حين كانت لاسي باجتهاد منقطع النظير تلهث لرفع تقييمها ليصل لأربع نجوم ونصف حتى يتغير معه شكل حياتها. ضغطت لاسي على نفسها لتتحلى باللباقة والكياسة ولتجامل الكثير ممن تصادفهم في الحياة. في كل مره تبتسم لأحدهم ترتفع نجومها وفي كل مرة يصدر منها سلوك على طبيعته -غير مفلتر- تنخفض نجومها. تظل النجوم بين ارتفاع وانخفاض في يدّ من تصادفهم ويبقى جهدها الحثيث لرفع التقييم حتى تستطيع الحصول على تخفيض عقاري يساعدها في امتلاك المنزل الذي ترغب فيه.

بدأت أشعر بوجود لاسي في كل مكان وفي وجه كل موظف يقدم لي خدمة. الموظف هنا مثل لاسي يسعى لرفع دخله أو الحصول على مكافأة تشجيعية وبناء بيته. هل ألوم لاسي هنا؟ لا طبعاً إنما ألوم كل من وضعها تحت هذا الشكل من الضغط. ربط تقييم الموظف والمزايا التي سيحصل عليها بيد العميل ومزاجه لا يعد محفز للموظف بقدر ما هو ضغط اضافي.

نظرة سريعة على طبيعة العمل في الأماكن التي طالبتني فيها الموظفات بخمس نجوم؛ ساعات عمل طويلة، دقة في العمل، عملاء كثر وأمزجة متفاوتة وخلفيات مختلفة، غربة عن الأهل، أجر عادي، تقييمات بأوجه متعددة بدءًا بصاحب الحلال ومروراً بالمدير وانتهاءً بالعميل. فهل هذه العوامل مجتمعة غير كافية من وجهة نظر المسؤول عن المكان حتى يضيف عبء آخر مثل خمس نجوم باسم الموظف على قوقل مآب؟ ثم كيف سيتم التحقق من عدالة العميل وإنصافه! أيضاً أنا كعميل كيف أستطيع كل أسبوع أن أقيم الفتاة التي قدمت لي الخدمة وقوقل لا يسمح لي بتقييم المكان سوى مرة واحدة! أخيراً، هذا النوع من التقييم يخلق جو تنافسي غير محبب في بيئة العمل وقد يشحن سلبياً علاقة الموظف بالعميل وبأرباب العمل لأنه ضغط اضافي لا حاجة له.

 

حدث 

 

 

  • نشرنا الحلقة الثالثة في سلسلة “مكتباتهم” مع الأستاذ أحمد آل مانع عبر قناتنا في يوتيوب، مشاهدة ممتعة.

 

  • يمكنكم الاطلاع على مقال ” أجمل سنوات الكتابة، أسوأ أعوام كرة القدم” بقلم: منصور العتيق ومقال “عناوين النجوم” بقلم الفنانة التشكيلية: نوف السماري في موقع كيت وكيت الالكتروني.
 
  • في حال رغبتكم بالمساهمة معنا بالانضمام إلى مجتمع كيت وكيت من خلال المقالات والكتابة التواصل عبر بريدنا الالكتروني، العنوان في خاتمة النشرة.