عن (كـيـــتَ وَكـيـــتْ)

“يقولون كان هاك الواحد، والواحد الله في سماه العالي”، أن فلاحاً وجد بذرة ما، لا تشبه أي بذرة رآها مسبقاً، ولم يستطع تخمين شكل أي نبتة ستنتجها البذرة، وأن هذا الفلاح استسلم لكل الاحتمالات التي اقترحها خياله لشكل هذا النبتة، وطول شجرتها بعد سنوات، وبالغ كثيراً فتخيل طيور الحمام والزرازير التي ستتخذ أعشاشاً من أغصان تلك الشجرة، وظلها الوارف في عصاري الصيف، بل إنه استراح في الظل بالفعل، ووجده بارداً لطيفاً. إن بداية “كيت وكيت” في شكل إعلام ثقافي رقمي، يشبه أن نجد بذرة لم نرها من قبل، ثم نعد العدة لما يمكن أن تكون عليه شجرة هذه البذرة، ولأن يكون الجلوس تحت ظلها ممتعاً ومفيداً. رسمنا فكرة المنصة التي تقرؤون حروفها الآن، على ما نتصوره الاحتياج الفعلي لمشهد الثقافة العامة والشعبية في وطننا المملكة العربية السعودية، ودول الخليج العربي، والعالم العربي، وعلى ما يحتاجه ممارسو وجمهور هذه الثقافة، من صقل الصوت والموهبة، وتجسير الفراغ بينهم وبين نظرائهم في العالم، وبالتأكيد؛ وجود مناخ حر للكتابة والمشاركة، للهواية والاحتراف معًا، في شكل فني مواكب وبديع، ومنتج بصري معاصر وخلّاق.
إن العمل الثقافي الذي نراه هو جهد تراكمي مستمر لا يأتي بالافتعال، بل بإشراك الأصوات المختلفة، والثقافة في تعريفنا ليست شكلًا ثابتًا، بل أنماطاً متغيّرة، تُخلق وتستكشف باستمرار، لذلك نعي أهميّة الاستماع إلى الأصوات التي لا تشبهنا، وأن لا نتوقّف عند نمط معيّن ونسميه الثقافة. لقد أخذنا في الاعتبار مجمل التجارب السابقة في المجال، استقراءً لقصص النجاح والبعد عن مظنة النسخ والتقليد، ونعرف أن الوقت الذي سيعطيه لنا قارئنا ومتابعنا لا يقدر بثمن، وأن الحيز الذي سيسمح لنا بالتواجد فيه، ضمن يومه وكيانه، حميمي وخاص، لذلك سنثريه ما استطعنا بالأفكار والتجارب، وسنأخذه إلى مجتمعنا من أصحاب تلك الأفكار وروادها، وسنستخدم مواردنا، وشبكتنا البشرية، ومجمل معرفتنا، في إنتاج ثقافة أصيلة مثرية.